لشبونة.. إجماع إفريقي حول حماية التراث البحري للساحل الأطلسي

هبة بريس – لشبونة

احتضن المتحف الوطني البحري بالعاصمة البرتغالية لشبونة ندوة دولية حول موضوع حماية التراث البحري للساحل الأطلسي الإفريقي”، بمشاركة واسعة لوفود رسمية وممثلين عن مؤسسات ثقافية وعلمية من المغرب، السنغال، موريتانيا، الرأس الأخضر، ودول غرب أوروبا، إلى جانب حضور ممثلين عن مؤسسات حكومية وبرلمانية برتغالية مختصة في التراث البحري.

الندوة، التي نظمتها جمعية السلام لحماية التراث البحري بتنسيق مع المتحف الوطني البحري البرتغالي، شكلت محطة علمية واستراتيجية هامة لتدارس سبل تعزيز التنسيق الإقليمي لحماية التراث البحري المشترك، وتسليط الضوء على “المبادرة الأطلسية للتراث البحري” التي انطلقت من مدينة الداخلة جنوب المملكة المغربية في نونبر 2024، كإطار إقليمي مشترك لتبادل الخبرات وتكثيف الجهود العلمية والثقافية في هذا المجال الحيوي.

وقد مثّل المغرب وفد رسمي هام ترأسه رئيس المجلس الجماعي للداخلة، السيد الراغب حرمة الله، الذي أكد في كلمته الافتتاحية على أن هذه المبادرة تندرج في إطار الرؤية الإفريقية الأطلسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى جعل التراث الثقافي رافعة للتنمية والتعاون الإقليمي.

من جانبه، عبّر القبطان أوغوستو سالغادو، مدير المتحف الوطني البحري بلشبونة، عن اعتزازه بالشراكة مع جمعية السلام، مشيدًا بمستوى الحضور والتعاون غير المسبوق الذي جمع لأول مرة ممثلين عن المغرب، موريتانيا، السنغال والرأس الأخضر حول قضية التراث البحري المشترك.

وفي كلمته، أبرز الشيخ المامي أحمد بزيد، رئيس جمعية السلام، أن الندوة تمثل محطة مفصلية ضمن مسار إقليمي ودولي للاعتراف بالتراث البحري كإرث مشترك بين شعوب الساحل الأطلسي، يستدعي حمايته وفق مقاربة علمية وتشاركية.

وقد تم خلال الندوة تقديم معطيات علمية دقيقة حول التراث البحري المغمور بالمياه الذي تزخر به سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، خاصة جهة الداخلة – وادي الذهب، إلى جانب مناطق واسعة من غرب إفريقيا، ما يعكس الإمكانات الكبيرة الكامنة في هذه السواحل، ويفتح آفاقًا واعدة لتحويل الداخلة إلى مركز إقليمي محوري لحفظ وتثمين هذا التراث.

كما أعلنت جمعية السلام، بهذه المناسبة، عن تحديد تسعة مواقع بحرية أولية ضمن قائمة مرشحة للتصنيف، وهو ما يبرز جدية وتقدم الجهود الميدانية المبذولة على مستوى التوثيق والحماية.

وقد تميزت الندوة بمداخلات علمية وازنة من قبل مسؤولين وخبراء في مجال التراث البحري، من أبرزهم:

* عمر باديان، مدير التراث في السنغال، الذي شدد على أهمية تنمية القدرات وتوحيد المبادرات الإفريقية.
* آنا بيساو، رئيسة المعهد الوطني للتراث الثقافي في الرأس الأخضر، التي دعت إلى تعزيز التنسيق الإقليمي.
* بحام ولد شيخنا، مدير التراث الوطني بموريتانيا، الذي أبرز أهمية تبادل الخبرات كرافعة لتحسين السياسات الثقافية.
* أحمد مولود ايده هلال، رئيس قسم التاريخ بجامعة نواكشوط، الذي أشار إلى الأبعاد التاريخية العميقة للتعاون الإفريقي في هذا المجال.
* نجاة الحافي، خبيرة مغربية في التراث المغمور، التي شددت على دور علم الآثار الوقائية في حماية هذا النوع من التراث.
* رودولف، ممثل المركز البرتغالي للآثار البحرية، الذي نوه بدور جمعية السلام كمثال ناجح للتعاون الإقليمي البنّاء.
* الدكتور جون إيف بلوب، الذي أشاد بالمبادرة، معتبرًا أنها استجابة فعلية بعد 40 سنة من اكتشافه لسفينة “لاميدوز” في سواحل موريتانيا.

وقد ركزت جميع المداخلات على أهمية المبادرة الأطلسية والتوصية بتفعيل برامج علمية جديدة من شأنها تعزيز البحث والكشف عن مزيد من المعطيات حول التراث البحري المغمور في إفريقيا.

وتندرج هذه الندوة ضمن سلسلة من المبادرات المشتركة التي انطلقت من مدينة الداخلة، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الإفريقي الأوروبي في مجال حماية التراث المغمور بالمياه، وإبراز الدينامية الكبيرة التي تعرفها فعاليات المجتمع المدني بالأقاليم الجنوبية للمملكة، في إطار الدبلوماسية الموازية التي تسعى إلى التعريف بالمؤهلات التنموية والثقافية والتراثية للصحراء المغربية، وعلى رأسها التراث البحري.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى