
مقترح الوزير ميداوي حول الماستر.. هل يفتح بابا للإصلاح أم أزمة جديدة؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في خطوة وصفت بمحاولة التقليل من حدة الهجمة التي تعرضت لها الجامعة العمومية، طرح عز الدين ميداوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مقترحاً يقضي بفتح ولوج ” الماستر” أمام جميع حاملي شهادة الإجازة دون انتقاء أو مباريات، و يأتي هذا التحول في أعقاب ما بات يعرف بـ”فضيحة بيع الشهادات الجامعية”، التي فجرتها قضية “ماستر” بجامعة ابن زهر، والتي أثارت استياءً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والرأي العام.
المقترح الذي يهدف ـ بحسب الوزير ـ إلى تقويض مظاهر “السمسرة” والفساد المرتبطة بانتقاء الطلبة في سلك الماستر، أثار موجة من التحفظ في صفوف عدد من المهتمين بالشأن الجامعي، الذين حذروا من أن هذا التوجه، وإن بدا إصلاحياً على السطح، قد يفرز نتائج عكسية أخطر من المشكل الذي يسعى لمعالجته.
فبحسب هذه الآراء، فإن تعميم الولوج إلى الماستر دون انتقاء سيؤدي حتماً إلى تضخم في أعداد الطلبة، خاصة في الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، والتي تعاني أصلاً من اكتظاظ خانق وقلة حادة في الموارد البشرية، وهذا ما ينذر بتفاقم الأزمة بدل حلها، خصوصاً إذا لم تُواكب هذه الخطوة بإصلاح هيكلي شامل للمنظومة الجامعية.
ويحذر بعض المتابعين من أن هذه الإجراءات قد تنقل أزمة “الماستر” إلى مستوى أعلى، وتحديداً إلى سلك الدكتوراه، في ظل ارتفاع عدد الحاصلين على الماستر مستقبلاً، دون أن تكون هناك رؤية واضحة لتوسيع بنيات التأطير أو ضبط معايير الترشح للدكتوراه، ما قد يعيد إنتاج نفس اختلالات المرحلة السابقة لكن في مستوى علمي أعلى.
في مقابل ذلك، يُلفت آخرون إلى أن جوهر الأزمة لا يكمن فقط في نظام الانتقاء، بل في هشاشة البنية التحتية للجامعة المغربية نفسها، التي باتت غير قادرة على الاستجابة لتزايد أعداد الطلبة، فبعض المؤسسات تستقبل أكثر من 40 ألف طالب بإمكانيات محدودة لا تتعدى 60 موظفاً وأقل من 150 أستاذاً.
في السياق نفسه فإن بعض المدرجات، كما في جامعة ابن زهر بالجنوب المغربي، تشهد تكدسا لطلاب يتجاوز عددهم الطاقة الاستيعابية بأضعاف، ما يطرح تساؤلات حول جدوى أي إصلاح لا يضع الاستثمار في الموارد البشرية والتجهيزات الجامعية في مقدمة أولوياته.
وتشير أصوات أكاديمية إلى أن الإصلاح الحقيقي يجب أن ينطلق من إعادة الاعتبار للجامعة كمؤسسة منتجة للمعرفة، عبر فتح مؤسسات جديدة، وتوظيف أطر كافية، وتحفيز الكفاءات التدريسية، عوض الاقتصار على إجراءات إدارية قد تتحول إلى مجرد حلول ترقيعية.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن مقترح الوزير ميداوي، رغم نواياه الإصلاحية، يواجه معادلة معقدة تتطلب مقاربة شمولية توازن بين محاربة الفساد الأكاديمي، وضمان جودة التكوين، وصون هيبة الشهادات الجامعية المغربية في الداخل والخارج.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X