
وفاة “با التهامي” صوت التبوريدة العفوي وذاكرة الميدان
هبة بريس
فقدت ساحة التبوريدة المغربية أحد أبرز وجوهها الشعبية المخلصة، بوفاة الحاج التهامي، المعروف لدى الجمهور باسم “با التهامي”، الذي وافته المنية بعد سنوات طويلة من الحضور اللافت والدعم المعنوي اللامشروط لفن الفروسية التقليدية.
الفقيد لم يكن فارسًا ولا مقدم سربة، لكنه كان حاضرًا في كل موسم وملتقى، بصوته الصادق وعباراته التحفيزية، وبطقوسه العفوية التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية للفرسان والجمهور على السواء.
واشتهر “با التهامي” بطقس خاص خلال عروض التبوريدة، حيث كان يحمل “الگلة” — إناء من الفخار يُملأ بالماء — ويرفعها عاليًا قبل أن يكسرها فوق رأسه، في لحظة احتفالية صادقة تعكس تفاعله الفوري مع الطلقة الموفقة والعرضة المتقنة.
هذا المشهد، الذي تكرّر لعقود، جعل منه رمزًا جماهيريًا لا يقل أهمية عن الفرسان الذين يصطفون في السربات، بل شكّل عنصرًا من مكونات الفرجة التراثية.
لم يكن “با التهامي” محسوبًا على أي سربة بعينها، بل كان ينتمي للجميع. يتنقّل بين الميادين، يحفظ أسماء الفرسان، ويتابع أخبار الخيول، ويُحيي بكلماته الأمل في نفوس الشبان، مردّدًا عباراته الشهيرة التي التصقت بذاكرته: “الله يعاونكم أولادي… زينين اليوم!”، وهي كلمات بسيطة في ظاهرها، لكنها كانت تمنح الثقة، وتشعل الحماسة في النفوس.
برحيل هذا الوجه الشعبي، تفقد التبوريدة المغربية أحد مريديها الأوفياء، وركنًا من أركان الذاكرة الحيّة التي لا توثّق في الكتب، بل تُكتب في القلوب والمواقف.
وقد تفاعل عدد من النشطاء والفرسان مع خبر الوفاة، معبّرين عن حزنهم العميق، ومؤكدين أن “با التهامي” لم يكن مجرد مشجع، بل روحًا تسري في فضاء الميدان، ورمزًا للحب الصادق لتراث لا يزال حيًا بفضل أمثاله.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X