التعليم: هذه أهم الضمانات القانونية للموظف خلال المسطرة التأديبية

محمد منفلوطي_ هبة بريس

نقاشنا لهذا الموضوع المتعلق بالضمانات القانونية الممنوحة للموظف خلال المسطرة التأديبية، يستمد مرجعيته من الظهير الشريف رقم 158,008 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما تم تتميمه وتغييره، وكذا المرسوم الملكي رقم 62.68 الصادر بتاريخ 17 مايو 1968 بتحديد المقتضيات المطبقة على الموظفين المتمرنين بالإدارات العمومية، وكذا المرسوم رقم 2.24.140 الصادر في 13 من شعبان 1445 (23) فبراير (2024) في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية، والمرسوم رقم 2.59.0200 الصادر بتاريخ 05 ماي 1959 يطبق بموجبه بخصوص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء الفصل 11 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما وقع تغييره وتتميمه.

هي إذن ترسانة قانونية تؤطر النقاش حول هذا الموضوع المتشعب، الذي رأت فيه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خطوة تأتي في إطار مواكبة دينامية الحوار الاجتماعي القطاعي التي تروم معالجة القضايا التي تهم نساء ورجال التعليم وتوفير ظروف عمل ملائمة وأجواء إيجابية تضمن التفعيل الأمثل للمسار الإصلاحي الشامل.

كما يأتي أيضا في سياق التواصل الإيجابي والمستمر مع الشركاء الاجتماعيين، واعتبارا للتظلمات التي تتوصل بها الوزارة من طرف بعض الموظفين حول وضعياتهم الإدارية والمادية، والمتعلقة بالمسطرة التأديبية التي تم تحريكها في حقهم، والتي ظلت عالقة ولم يتم تسويتها، وسعيا من هذه الوزارة إلى تعزيز مبدأ تخليق الممارسات الإدارية، وحفاظا على حقوق الموظفين المكفولة لهم في مجال التأديب والضمانات المخولة لهم في هذا الشأن بموجب أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ومن أجل حمايتهم من كل تعسف أو شطط أو انحراف في استعمال السلطة، نتيجة التأخير أو الإهمال في معالجة بعض الملفات التأديبية للمعنيين بالأمر داخل الأجال المقررة لها قانونا مع عدم تتبع المال المخصص لها، وحتى يتم ترسيخ المسؤوليات في هذا المجال وترتيب الآثار القانونية، عند الاقتضاء، بخصوص هذا الموضوع، وتكريسا للضمانات القانونية الممنوحة للموظفين في مجال التأديب، بما يؤمن لهم المتابعة التأديبية المغربية العادلة والمنصفة..
أمام هذا كله، طالبت الوزارة الوصية على القطاع في مذكرة عممتها على مسؤوليها مركزيا وجهويا واقليميا، طالبتهم بالسهر على التقيد بالإجراءات والتدابير التالية:

أولا: تحريك مسطرة التأديب

يتم اتخاذ قرار تحريك مسطرة التأديب في حق الموظفين العاملين بالنفوذ الترابي للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين من لدن مدير الأكاديمية المعنية بعد دراسة ملفات المعنيين بالأمر المحالة عليه من طرف المديريات الإقليمية التابعة للأكاديمية، كما يبدي الرأي بخصوص العقوبات التأديبية المقترحة من لدن المجالس التأديبية المختصة.

ثانيا: الإجراءات القبلية للمتابعة التأديبية

1- يتعين على مديري مؤسسات التربية والتعليم العمومي أو الرؤساء المباشرين، في إطار الصلاحيات المخولة لهم قانونا، وأثناء إشرافهم على عمل الموظفين التابعين لهم ومراقية أنشطتهم التربوية أو الإدارية، وفي حالة ملاحظتهم الإخلال بالتزاماتهم المهنية، توجيه استفسار كتابي للموظف المعني بالأمر حول مختلف الأفعال والمؤاخذات المنسوبة إليه، الذي يجب عليه الإجابة على الاستفسار خلال 72 ساعة من تاريخ توصله به ويقوم مديرو مؤسسات التربية والتعليم العمومي أو الرؤساء المباشرون، بإحالة كافة الوثائق المكونة لملف المعني بالأمر على المدير الإقليمي أو الرئيس التسلسلي في أجل أقصاه 48 ساعة ابتداء من تاريخ التوصل بالجواب على الاستفسار، ويمدد هذا الأجل إلى 72 ساعة بالنسبة المؤسسات التربية والتعليم العمومي المتواجدة بالوسط القروي والمناطق النائية.

2 – يتعين على المدير الإقليمي أو الرئيس التسلسلي فور توصله بالملف السالف الذكر، إحداث لجنة للبحث والتحري داخل أجل أسبوع، ابتداء من تاريخ توصله بمراسلة مديري مؤسسات التربية والتعليم العمومي أو الرؤساء المباشرين على أن تتألف هذه اللجنة، وجوبا، من ثلاثة (3) أعضاء من بينهم مفتش (1) على الأقل من ذوي الاختصاص ولهم صلة بمهام الموظف المخل بالتزاماته المهنية، وأطر متخصصين ومسؤولين من ذوي الكفاءة والخبرة والمشهود لهم جميعا بالنزاهة والشفافية والاستقامة.

3- تقوم اللجنة المكلفة داخل أجل أسبوع، بإنجاز بحث في الموضوع، وإعداد تقرير مفصل بخصوصه بكل تجرد ومهنية ومصداقية، ويمكن عند الاقتضاء، تمديد هذا الأجل إلى أسبوعين، ويتم خلال هذه العملية الاستماع إلى كل الأطراف التي يمكن لها أن تقدم إفادات أو معطيات بخصوص الموضوع، على أن يختتم التقرير سالف الذكر، بالخلاصات والاستنتاجات المتوصل إليها من طرف اللجنة.

4- يمنح للموظف المعني بالأمر الحق في الاطلاع على الخلاصات الأساسية المضمنة في هذا التقرير والتي توجه إليه برسالة، وذلك حتى يتسنى له تقديم ردوده وملاحظاته عليها كتابة وتعزيز دفوعاته بكل الوثائق والتبريرات، على أن يتم ضم هذا الرد للتقرير المنجز.

ثالثا: الإجراءات المتعلقة بالتوقيف المؤقت عن العمل

1- يعمل المدير الإقليمي أو الرئيس المباشر، في حدود الاختصاصات الموكولة إليه، وفي إطار السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة، وبعد استنفاد كل وسائل الوساطة والتحكيم، وبعد حصول القناعة التامة بناء على الأدلة المقدمة في التقرير بثبوت قيام الموظف بالمؤاخذات المنسوبة إليه والتي تندرج ضمن الهفوة الخطيرة على اتخاذ قرار التوقيف المؤقت عن العمل بموجب الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وذلك داخل أجل أسبوع من تاريخ التوصل بجواب المعني بالأمر عما نسب إليه في تقرير لجنة البحث.

2- يتعين على المدير الإقليمي أو الرئيس المباشر: إحالة الملف بكامله، داخل أجل أسبوع، على مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين قصد مباشرة الإجراءات المرتبطة بعرض الملف على أنظار المجلس التأديبي.

3- يتعين إصدار قرار التوقيف المؤقت عن العمل، وجوبا، في الحالات المعتبرة في حكم الهفوة الخطيرة ولاسيما تلك التي تمس بمصلحة التلميذات والتلاميذ وكل ما يعرقل مسارهم الدراسي ويسيء إلى سمعة العملية التعليمية التعلمية من قبيل الاعتداء بالضرب والشتم والتصرفات اللا أخلاقية والمس بالحق في التمدرس والتسبب في ضياع الزمن المدرسي والزام المتمدرسين بتلقي الدروس الخصوصية بمقابل، والامتناع عن تسليم نقط المراقبة المستمرة أو تعديلها أو تزويرها.

4- يتعين إصدار قرار التوقيف المؤقت كذلك، في حالات المتابعة القضائية بسبب الاعتقال، غير أنه في حالة المتابعة القضائية التي لا يستتبعها اعتقال ولا تمس بمصلحة التلميذات والتلاميذ كالمتابعات المتعلقة بحوادث السير وغيرها، فإنه يتعين تجنب سلك مسطرة التوقيف المؤقت.

5- في حالة انصرام أجل الأربعة أشهر المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 73 سالف الذكر دون إصدار أية عقوبة، ابتداء من تاريخ التوقيف المؤقت عن العمل، يجب إرجاع الموظف الموقوف إلى عمله فورا والسماح له باستئناف عمله، مع إعادة صرف أجرته ابتداء من تاريخ توقيفه، مع النظر في ملفه التأديبي من طرف المجلس التأديبي المختص داخل الآجال المحددة قانونا لذلك؛

6- يتعين التعجيل بتسوية وضعية الموظف المتابع قضائيا بسبب الاعتقال، وذلك بعرض ملفه على أنظار المجلس التأديبي فور التوصل بالحكم القضائي النهائي الصادر في حقه.

رابعا: الإجراءات المتعلقة بانعقاد المجلس التأديبي

1- يتعين عرض ملفات الموظفين المعنيين بالأمر على أنظار المجلس التأديبي داخل أجل 15 يوما من تاريخ التوصل بها مع إعطاء الأولوية للموقوفة أجورهم ويجب على مدير الأكاديمية، بالنسبة للمجالس التأديبية المركزية، إعداد الملف التأديبي وإحالته على مديرية الموارد البشرية، داخل أجل أسبوع من تاريخ التوصل به، وذلك من أجل احترام الأجل المذكور.

2 يجب تمتيع الموظف المعني بالأمر بجميع الضمانات المخولة له بموجب الفصل 57 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وذلك من خلال تبليغه بالاستدعاء لحضور المجلس التأديبي باستعمال كل الوسائل القانونية المتاحة، بما في ذلك انتداب مفوض قضائي، وكذا تمكينه من الاطلاع على ملفه التأديبي قبل انعقاد المجلس التأديبي قصد إعداد دفوعاته وحججه، والاستماع إليه من طرف أعضاء المجلس التأديبي والسماح له بالدفاع عن نفسه أثناء انعقاد المجلس، بشكل شخصي أو من خلال انتداب مدافع عنه وفق الكيفيات المحددة لذلك، والاطلاع على كل الوثائق والحجج المقدمة من طرفه مع إمكانية ضمها إلى ملفه التأديبي، والاستماع إلى الشهود عند الاقتضاء، مع إمكانية الاستجابة لطلبه الرامي إلى تأجيل حضوره للمثول أمام المجلس التأديبي في حالة اقتناع الإدارة بالمبررات الموضوعية والقانونية التي يدلى بها المعنى بالأمر في هذا الصدد.

3- يتعين على أعضاء المجلس التأديبي الإدلاء برأيهم في أجل شهر واحد من يوم رفع الملف إليهم طبقا المقتضيات الفصل 70 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ويمتد هذا الأجل إلى ثلاثة أشهر في حالة تعميق البحث بناء على طلب من المجلس لأسباب مقنعة وموضوعية.

خامسا اختصاصات سلطة التأديب

1- تقوم سلطة التأديب مباشرة بعد البت في الملف التأديبي من طرف اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء، المنعقدة باعتبارها مجلسا تأديبيا، داخل أجل 5 أيام من تاريخ التوصل بالملف التأديبي بمباشرة الإجراءات المرتبطة بمسطرة المصادقة.

2- تقوم سلطة التأديب، بعد اتخاذ قرارها، بإصدار رسالة تبليغ العقوبة إلى المعني بالأمر تحت إشراف السلم الإداري داخل أجل 5 أيام، مع حرص المصالح المختصة، على المستوى الجهوي والإقليمي على توصل المعني بالأمر برسالة التبليغ بجميع الوسائل القانونية المتاحة بما في ذلك الاستعانة بمفوض قضائي الذي يحرر محضرا في الموضوع، وذلك نظرا لما لعملية التبليغ في أسرع وقت ممكن من أثر قانوني من حيث تحديد تاريخ بدء سريان العقوبة، ومن أثر إيجابي على تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمعنيين بالأمر.

الوزارة الوصية على القطاع أكدت في مراسلتها هاته التي حصلت هبة بريس على نسخة منه، أنه وفور الانتهاء من هذه العمليات التدبيرية، يتعين بكل استعجال على المصالح المكلفة بتدبير الموارد البشرية، إعداد القرارات المجسدة لوضعية الموظف المعني بالأمر وتتبعها لدى المتدخلين المعنيين ولا سيما الموقوفة أجرته.

مضيفة أنه ومن أجل تسريع معالجة الملفات التأديبية داخل الآجال المحددة لها، طالبت بالحرص على التطبيق الصارم للإجراءات سالفة الذكر، وحث كل مديري مؤسسات التربية والتعليم العمومي والرؤساء المباشرين والرؤساء التسلسليين على اتخاذ التدابير الضرورية لأجرأة ما جاء في هذه الرسالة، وذلك صونا وضمانا لحقوق الموظفين، ولتوفير الظروف المناسبة لإعادة اندماجهم في وسطهم المهني بشكل أكثر فعالية ونجاعة.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى